لبعض عائلات حلب، كل ما يمكن فعله هو التمسك بالأمل

  لبعض عائلات حلب، كل ما يمكن فعله هو التمسك بالأمل

 كل ما يمكن فعله هو التمسك بالأمل

حلب تجلس خالدية على فرشة في غرفة شبه فارغة. يبدو أثر ذكرى ابنها، الذي اختفى قبل أربع سنوات، ثقيلا على وجهها. تدير إبتسامة واهية للكاميرا، ولحفيدتيها الصغيرتين اللتين تجلسان بقربها.

"لم يبق لدي سواهما الآن ،" تقول هامسة. "تبكيان في كل مرة يتم ذكر أبويهما".

قُتلت زوجة ابنها جراء انفجار قذيفة هاون خلال حصار شرق حلب في عام ٢٠١٦. أما ابنها، والد الفتاتين، فلم يعرف الكثير عن مصيره لكن منذ اندلاع النزاع في سوريا أصبحت عمليات الخطف وسيلة شائعة لدى الجماعات المسلحة لجني المال. ترتجف خالدية عندما تتحدث عن اختفاء ابنها في أوائل عام ٢٠١٥ ، وتحاول عدم الخوض في الكثير من التفاصيل.

"لم أسمع صوت أبني إلا مرة واحدة بعد اختطافه عندما اتصل بنا [خاطفوه] للمطالبة بفدية تبلغ  مليون ليرة سورية [٢١٠٠ دولار] ... أنا أرملة وحيدة. لم تكن هناك أي طريقة للحصول على هذا المبلغ"، تقول السيدة ذات الستين عاماً ، وهي تقاوم دموعها.

وبينما نستمر في الحديث ، تقدم لنا حفيدتاها الصغيرتان ، اللتان كانا ترتديان ملابساً قديمة وغير مناسبة لعمرهما، المساند وبعضا من المياه. ثم تحضّر احداهما القهوة ، في حين تقوم الأخرى بجلب طبق من الحلوى العربية.

تشرح خالدية: "كانت هاتان الفتاتان الصغيرتان أكثر من عانى خلال الحصار... إستطعنا أن نبقى على قيد الحياة فقط من خلال رعاية الله ".

أردت أربع سنوات من الصراع في حلب بين عامي ٢٠١٢ و ٢٠١٦ المدينة إلى كومة من الأنقاض. كانت المدينة في السابق قلب سوريا التجاري لكن سكانها عانوا أسوأ أيام الحرب وأكثرها ظلمة، حيث تكرّر انقطاع التيار الكهربائي ، وشحّت الإمدادات الغذائية ، وتفشّت الكثير من الأمراض. في البعض الليالي كانت خالدية والفتاتان ، مثل العديد من الناس في أنحاء المدينة ، تنمن على معدة خاوية وتستيقظن دون أن يكون لديهن أي شيء ليأكلنه. وقد دُمِّر منزلهن ، وأجبرن على الانتقال الى شقة صغيرة  هن بالكاد قادرات على تحمّل تكلفة إيجارها.

 كانت هناك أيام تعيّن فيها على نور ، التي تبلغ من العمر الآن ١١ عاماً ، أن تمشي مسافات طويلة وهي تحمل غالونات ثقيلة لجلب الماء من أقرب بئر عام. "أعرف أنها مجرد فتاة صغيرة وقد تكون تعرضت لمضايقات في الطريق ، لكن لم يكن لدينا أي خيار آخر".

لحسن الحظ ، تمتلك عائلة خالدية الآن خزان مياه ، قدمته منظمة أوكسفام ، وهو متصل بشبكة المياه وقادر على تخزين المياه للشرب والطهي والغسيل ولم تعد نور مضطرة للقيام بتلك الرحلة المضنية.

مثل العديد من الآخرين ، خسرت خالدية كل شيء ، باستثناء حفيدتيها الصغيرتين اللتين تكافح من أجل تربيتهما. وهي تعتمد على مدخول قدره ٩٠٠٠ ليرة سورية (حوالي ١٨ دولار أمريكي) يرسلها صديق للعائلة كل شهر. اليوم، كل شيء خارج الشقة الصغيرة التي تعشن فيها يشهد على الحرب، التي مزقت العائلات والمجتمعات. يلعب الأطفال بين الأنقاض ، فيما تظل فرص العمل نادرة جدا، والكهرباء والمياه غير متوفرة دائمًا - لكن يبقى هناك بعضا من الأمل.

"بالنظر إلى حجم الدمار ، قد تعتقد أنه سيكون من المستحيل بالنسبة لنا أن نستعيد الحياة التي كنا نعيشها في المدينة من قبل" تقول خالدية ثم تضيف: "لكن ها هي ، حلب ، تتعافى ببطء ... قلا يزال لدي بعض الأمل. ويجب أن آمل في أن يأتي يوم يعود ابني فيه إلى بناته لتربيتهن ".