الجوع الحادّ يتفاقم بأكثر من الضعف في عشر من أسوأ بؤر المناخ الساخنة في العالم على مدى السنوات الست الماضية

Friday, September 16, 2022

يمكن لأقلّ من 18 يومًا من أرباح شركات الوقود الأحفوري أن تغطي كامل نداء الأمم المتحدة الإنساني لعام 2022

عانت عشر من أسوأ بؤر المناخ الساخنة في العالم - تلك التي صدر من أجلها أكبر عدد من نداءات الأمم المتحدة المدفوعة بالظواهر المناخية المتطرّفة - من ارتفاع بنسبة 123% في الجوع الحادّ على مدى السنوات الست الماضية فقط، وفقًا لتقرير نشرته منظمة أوكسفام اليوم.

مع خروج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من صيف حار، تظهر أحدث البيانات أن ما يقرب من 29 مليون شخص في العراق وسوريا واليمن معرضون لخطر الجوع. في حين أن الصراع هو المحرك الشامل للجوع في أكثر المناطق تفاوتًا في العالم، فإن تأثير الاضطرابات السياسية وندرة المياه منذ عقود وأزمة المناخ تؤدي إلى تفاقم الوضع المدمر بالفعل.

وقالت غابرييلا بوشر، المديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام الدولية: "لم يعد تغير المناخ قنبلة موقوتة، إنه ينفجر أمام أعيننا. إنها تجعل الطقس القاسي مثل الجفاف والأعاصير والفيضانات - التي زادت خمسة أضعاف على مدى السنوات 50 الماضية - أكثر تواتراً وأكثر فتكًا. "

وقد خلص التقرير الموجز الصادر بعنوان "الجوع في عالم ملتهب" إلى أنّ بؤر المناخ الساخنة العشر تلك - وهي الصومال وهايتي وجيبوتي وكينيا والنيجر وأفغانستان وغواتيمالا ومدغشقر وبوركينا فاسو وزيمبابوي - قد ضربها جميعها مرارًا وتكرارًا الطقس المتطرّف على مدى العقدين الماضيين. ويعاني اليوم 48 مليون شخص في جميع أنحاء تلك البلدان من الجوع الحادّ (فيما كان هذا الرقم 21 مليونًا فقط في عام 2016)، وقد بات 18 مليون شخص منهم على شفا المجاعة.

وأضافتت بوشيه أنّه: "بالنسبة لملايين الأشخاص - الذين هم أصلًا ضحايا النزاعات المستمرّة وتفاقم أوجه اللامساواة والأزمات الاقتصادية - باتت الصدمات المناخية المتكرّرة بمثابة الضربة القاسمة بالنسبة لهم. إنّ هجمة الكوارث المناخية تفوق الآن قدرة الفقراء على التأقلم، ما يدفعهم إلى التعرّض للمزيد من الجوع الحادّ".

وفي ما يلي بعض الأمثلة:

  1. يواجه الصومال أسوأ موجة جفاف على الإطلاق، ومن المتوقع أن تتفشّى المجاعة في مقاطعتي بيدوا وبورهاكابا فيما اضطرّ مليون شخص إلى الفرار من منازلهم بسبب الجفاف. ويحتلّ الصومال المرتبة 172 من أصل 182 دولة من حيث استعداده للتعامل مع تغيّر المناخ.
  2. وفي كينيا، أدّى الجفاف الحالي إلى نفوق ما يقرب من 5 مليون رأس ماشية ودفع بحوالي 2.4 مليون شخص إلى براثن الجوع، بما في ذلك مئات آلاف الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحادّ.
  3. وفي النيجر، يواجه 2.6 مليون شخص الجوع الحادّ اليوم (بزيادة 767% مقارنة بعام 2016). وقد انهار إنتاج الحبوب بنسبة 40% تقريبًا، حيث بات الحصاد أشدّ صعوبة بفعل الصدمات المناخية المتكرّرة علاوة على النزاع المستمرّ. ويمكن أن ينخفض إنتاج المحاصيل الأساسية مثل الدخن والذرة الرفيعة بنسبة 25% إضافية في حال تجاوز ارتفاع حرارة الأرض درجتين مئويتين بفعل الاحتباس الحراري.
  4. وشهدت بوركينا فاسو ارتفاعًا مخيفًا بنسبة 1350% في معدّلات الجوع منذ عام 2016، مع تعرّض 3.4 مليون شخص للجوع الحادّ اعتبارًا من حزيران/يونيو 2022 بسبب النزاع المسلح وتفاقم تصحّر المحاصيل والأراضي الرعوية. ومن المرجح أن يؤدي ارتفاع حرارة الأرض درجتين مئويتين بفعل الاحتباس الحراري إلى انخفاض حصاد الحبوب مثل الدخن والذرة الرفيعة بنسبة 15 إلى 25%.
  5. وفي غواتيمالا، ساهم الجفاف الشديد في فقدان ما يقرب من 80% من محصول الذرة وتدمير مزارع البنّ.

وتقول ماريانا لوبيز، وهي ربّة أسرة تعيش في نارانخو بالممرّ الجاف في غواتيمالا، "لقد أمضينا ما يقرب من ثمانية أيام من دون طعام تقريبًا". وقد أجبرها الجفاف المستمرّ على بيع أرضها.

إنّ الجوع الناتج عن المناخ هو دليل صارخ على اللامساواة العالمية. وتعاني البلدان الأقل مسؤولية عن أزمة المناخ أكثر من سواها من تأثير هذه الأخيرة، فضلًا عن امتلاكها موارد أقلّ للتعامل معها. وتقع بؤر المناخ الساخنة العشر هذه، المسؤولة مجتمعة عن 0.13% فقط من انبعاثات الكربون العالمية، في الثلث الأدنى من قائمة البلدان الأقلّ استعدادًا لتغيّر المناخ.

وعلى النقيض من ذلك، فإنّ البلدان الصناعية الملوّثة مثل دول مجموعة العشرين التي تسيطر على 80% من الاقتصاد العالمي هي المسؤولة معًا عن أكثر من ثلاثة أرباع انبعاثات الكربون في العالم.

ويواصل قادة هذه الدول دعم الشركات الغنية الملوثة التي غالبًا ما تكون من كبار داعمي حملات هؤلاء القادة السياسية. لقد بلغ متوسط الأرباح اليومية لشركات الوقود الأحفوري 2.8 مليار دولار أمريكي على مدى السنوات الخمسين الماضية. ويمكن أن يمول أقلّ من 18 يومًا من هذه الأرباح النداء الإنساني للأمم المتحدة بأكمله لعام 2022 بقيمة 49 مليار دولار أمريكي.

وثمّة حاجة أيضًا إلى تغييرات مهمّة في السياسات لمعالجة أزمة المناخ والجوع المزدوجة. وما لم تُتَخذ إجراءات واسعة النطاق وفورية، سوف يستمر الجوع في التصاعد.

وقبل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، ومؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية (COP 27) المزمع انعقاده في تشرين الثاني/نوفمبر، يجب على قادة البلدان الغنية الملوّثة على وجه الخصوص الوفاء بوعودهم بخفض الانبعاثات. ويجب عليهم سداد تكاليف تدابير التكيّف والخسائر والأضرار في البلدان المنخفضة الدخل، فضلًا عن ضخّ الأموال المنقذة للحياة على الفور من أجل تلبية نداء الأمم المتحدة للاستجابة للبلدان الأكثر تضرّرًا.

وبحسب بوشيه: "لا يمكننا معالجة أزمة المناخ من دون تصحيح أوجه اللامساواة المتأصلة في أنظمتنا الغذائية والطاقوية. ويمكن لزيادة الضرائب المفروضة على البلدان الفائقة التلويث أن تغطي التكلفة بسهولة. ومن شأن 1% فقط من متوسط الأرباح السنوية لشركات الوقود الأحفوري أن ينتج عشرة مليارات دولار أمريكي، وهو ما يكفي لتغطية معظم النقص في تمويل نداء الأمن الغذائي الإنساني للأمم المتحدة".

كما يمكن لإلغاء الديون أن يساعد الحكومات على تحرير الموارد لاستثمارها في التخفيف من حدّة تغيّر المناخ.

وأضافت بوشيه: "تتحمّل الدول الغنية والأكثر تلويثًا للبيئة مسؤولية أخلاقية لتعويض البلدان المنخفضة الدخل الأشدّ تأثرًا بأزمة المناخ. وهذا التزام أخلاقي، وليس من باب الصدقة".

ملاحظات للناشرين

  1. تحميل تقرير منظمة أوكسفام "الجوع في عالم ملتهب" باللغة الانجليزية.
  2. بدأت شبكة معلومات الأمن الغذائي (FSIN) بإنتاج التقارير العالمية عن الأزمات الغذائية في عام 2017. وقد بلغ مجموع السكان في المرحلة 3+ من التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي في البلدان العشرة في عام 2016 (أنظروا التقارير العالمية عن الأزمات الغذائية 2017 ، ص. 21) حوالي 21.3 مليون نسمة وكان في عام 2021 (أنظروا التقارير العالمية عن الأزمات الغذائية 2022، الصفحات 30-33) حوالي 47.5 نسمة. وبالتالي فقد بلغت النسبة المئوية للارتفاع 123%.
  3. يستند احتساب الأشخاص الذين يواجهون المجاعة في البلدان العشرة إلى العدد الإجمالي للأشخاص في المستوى 4 وما فوق من انعدام الأمن الغذائي في مرحلة الأمن الغذائي المتكامل في عام 2021، وفقًا للتقارير العالمية عن الأزمات الغذائية 2022، (أنظروا فهم تصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل).
  4. جرى احتساب أسوأ 10 بؤر مناخ ساخنة بالنظر إلى البلدان التي صدر بشأنها أكبر عدد من نداءات الأمم المتحدة المتعلقة بالطقس المتطرف منذ عام 2000، حيث صُنّف المناخ على أنّه "مساهم رئيسي" في هذه النداءات. المصدر: تقرير منظمة أوكسفام "سداد الفاتورة" في أيار/مايو 2022.
  5. صدر بشأن البلدان العشرة أكبر عدد من النداءات المرتبطة بالطقس المتطرّف، إذ كان المناخ مساهمًا رئيسيا في النداء، وفقًا للمنهجية الموضحة في المذكرة الفنية لمنظمة أوكسفام (2022) نداءات الأمم المتحدة الإنسانية المرتبطة بالطقس المتطرّف، 2000-2021.
  6. إنّ الرقم المتعلق بزيادة الكوارث المناخية بمقدار خمسة أضعاف هو وفقًا لأطلس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية للوفيات والخسائر الاقتصادية الناجمة عن الطقس والمناخ المتطرّفَين (1970-2019) (المنظمة العالمية للأرصاد الجوية - رقم 1267)، جنيف.
  7. إنّ مجموع انبعاثات الكربون التراكمية لبؤر المناخ الساخنة العشر لعام 2020 يبلغ 0.002 تريليون طن من الكربون - أي 0.13% من الانبعاثات العالمية البالغة 1.69 تريليون طن من الكربون في نفس العام. المصدر عالمنا في بيانات.
  8. إنّ مجموع الانبعاثات الكربونية التراكمية لدول مجموعة العشرين لعام 2020 يبلغ 1.299570755 تريليون طن من الكربون، أي 76.60% من انبعاثات الكربون العالمية (1.696524177 تريليون طن). مصدر عالمنا في بيانات.
  9. إنّ ترتيب بؤر المناخ الساخنة العشر هو 34% وفقًا لحسابات النسب المئوية لنتائج مؤشر مبادرة نوتردام العالمية للتكيّف لبؤر المناخ الساخنة العشر. وقد أخذت نتائج مبادرة نوتردام العالمية للتكيّف لعام 2020 من موقع مبادرة نوتردام العالمية للتكيّف عبر الانترنت.
  10. في ما يخصّ المتوسط اليومي لقطاع الوقود الأحفوري البالغ 2.8 مليار دولار من الأرباح على مدى السنوات الخمسين الماضية، أي ما قدره 1.022 تريليون دولار أمريكي سنويًا، إستخدمنا هذا المقال الصادر في عام 2022 عن صحيفة الغارديان: إماطة اللثام عن أرباح قطاع النفط "المذهلة" البالغة 3 مليارات دولار أمريكي يوميًا على مدى السنوات الخمسين الماضية. واستنادًا إلى المتوسط اليومي، حسبنا أن أقلّ من 18 يومًا من أرباح الشركات كافية لتغطية النداء الإنساني العالمي الكامل للأمم المتحدة لعام 2022 البالغ 48.82 مليار دولار أمريكي. وقد استخدمنا المتوسط السنوي البالغ تريليون دولار أمريكي لحساب العائدات من ضريبة إضافية بنسبة 1% على أرباح الوقود الأحفوري (10 مليارات دولار أمريكي). صحيفة الغارديان (2022). إماطة اللثام عن أرباح قطاع النفط "المذهلة" البالغة 3 مليارات دولار أمريكي يوميًا على مدى السنوات الخمسين الماضية.
  11. يمكن الوصول إلى نداء الأمم المتحدة الإنساني لعام 2022 عبر الرابط https://fts.unocha.org/appeals/overview/2022، كانت آخر زيارة للموقع في 30 آب/أغسطس 2022. ويبلغ جزء الأمن الغذائي من النداء 15.9 مليار دولار، يبلغ الجزء غير المموّل منها 10.4 مليار دولار أمريكي اعتبارًا من 8 أيلول/سبتمبر 2022.