استخدام حق النقض ضد الإنسانية
إنّ الوعد الذي قطعه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين قد نُقِض، مع
استمرار احتدام النزاعات في جميع أنحاء العالم. ويتواصل تفاقم عشرات النزاعات - بعضها منذ عقود - من دون
أي إشارة على قرب انحسارها، مخلفةً وراءها معاناة إنسانية غير مسبوقة. وقد أدرجت الأزمات الثلاث والعشرون
التي طال أمدها والتي يتناولها هذا التقرير في المراجعة العامّة للاحتياجات الإنسانية العالمية للأمم المتحدة
. لخمس سنوات على الأقل - خلال السنوات العشر الماضية
وعلى مدى العقد المنصرم وحده، أودت النزاعات بحياة 1.1 مليون شخص في تلك الأزمات الثالثة والعشرين. وأُجبر
ملايين الأشخاص على مغادرة منازلهم، وكانت النزاعات هي السبب الرئيسي لانتشار الجوع - إذ دفعت ب 135
مليون شخص متضرّر من النزاع إلى براثن الجوع الحادّ 2. وخلال الفترة نفسها، ارتفع عدد الأشخاص المحتاجين
للمساعدات الإنسانية أربعة أضعاف، ما أدّى إلى تضاعف احتياجات التمويل ثلاث مرات تقريبًا - من 20.3 مليار دولار
. أمريكي إلى مبلغ مذهل قدره 56.1 مليار دولار أمريكي - لمواجهة هذا التفاقم في المعاناة الإنسانية
وهذه ليست مجرّد مصادفة، فغالبًا ما تلاعبت حفنة من الدول القوية التي لا يمثل مواطنوها سوى 25 بالمئة
من سكان العالم ولكنها تملك سلاحًا نوويًا، بنظام السلام والأمن العالمي لخدمة مصالحها الجيوسياسية
والاقتصادية. فبين عامي 2014 و 2024 ، استخدمت واحدة أو أكثر من الدول الخمس الدائمة العضوية في
مجلس الأمن الدولي )الدول الخمس الدائمة العضوية( حق النقض ضد 30 قرارًا لمجلس الأمن الدولي بشأن أزمات
طال أمدها، بما في ذلك قرارات تتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل وأوكرانيا وسوريا واليمن. وقد
صدر عن روسيا والولايات المتحدة الأمريكية 75 بالمئة من أصل 88 استخدامًا لحق النقض في مجلس الأمن
الدولي منذ عام 1989 ، فيما استخدمت الصين الباقي ولم تستخدم فرنسا أو المملكة المتحدة حق النقض خلال
تلك الفترة 4. وقد عرقلت العديد من حالات استخدام حق النقض قرارات مشابهة لتلك التي مُرّرت بأغلبية ساحقة
في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
على مدى العقد الماضي، كان أكثر من 95 بالمئة من القرارات التي أصدرها مجلس الأمن تتعلق بنصف الأزمات
. التي طال أمدها، ما ترك النصف الآخر للإهمال في الغالب 5
وعلاوة على ذلك، تعمّدت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن انتقاء النزاعات التي يمكن معالجتها
. في المجلس6
وليست الدول الخمس الدائمة العضوية جميعها متجانسة فيما بينها: فقد أعرب بعض هذه الدول المؤثرة عن
انفتاحها على الإصلاح في حين أنّ بعضها الآخر قد استخدم - ولا يزال - حق النقض في انتهاك لأحكام الميثاق
نفسه. وقد ترك جمود الوضع ضمن مجلس الأمن الدولي الأزمات الثلاثة والعشرين التي تتناولها هذه الورقة
من دون حلّ إلى حدّ كبير - وهي الأزمات في أفغانستان وبوركينا فاسو وبوروندي والكاميرون وجمهورية أفريقيا
الوسطى وتشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وهايتي والعراق وليبيا ومالي وميانمار والنيجر ونيجيريا
والأراضي الفلسطينية المحتلة والصومال وجنوب السودان والسودان وسوريا وأوكرانيا وفنزويلا واليمن.
ملخص