مؤشر أوكسفام العالمي يظهر انقسام الحكومات بين محاربة وتعزيز انعدام المساواة
اظهر مؤشر"الالتزام بخفض معدل انعدام المساواة" الذي طورته حديثاً منظمة أوكسفام بالشراكة مع منظمة تمويل التنمية الدولية بأن نيجيريا وسنغافورة هما ضمن مجموعة من الحكومات التي تعزز انعدام المساواة. وصنف المؤشر 157 دولة وفقاً لسياساتها المتعلقة بالإنفاق الاجتماعي والضرائب وحقوق العمال، وهي ثلاثة مجالات ترى المنظمات أنها ذات أهمية حاسمة للحدّ من انعدام المساواة. كما وجد المؤشر ثمّة فرق واضح بين حكومات مثل جمهورية كوريا وإندونيسيا وجورجيا التي تتخذ خطوات إيجابية لتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء، والحكومات التي تزيد الأمور سوءًا. ومع ذلك، يمكن لجميع الدول، بما فيها تلك التي تترأس القائمة، أن تحسّن من أدائها إلى حدّ كبير.
ويأتي هذا المؤشر قبيل اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية وغيرهم من القادة الاقتصاديين في الاجتماع السنوي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في بالي بإندونيسيا.
وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أظهر المؤشر ان المنطقة بها تفاوتا في الدخل بين مواطنيها في عام 2016 ، حيث حصلت نسبة 10 في المائة من السكان على 61 في المائة من الدخل القومي في جميع أنحاء المنطقة. كانت الدعوة إلى حريات سياسية واقتصادية أكبر قد اجتاحت المنطقة عام 2011 مستوحاة في ذلك إلى حد كبير من رغبة النخبة المحلية في إنهاء عدم المساواة الاقتصادية وإنهاء القبض السياسي. هناك تباين كبير بين الدول التي تحارب وتلك التي تغذي عدم المساواة في المنطقة – فمثلا تونس أتت على رأس القائمة بالمنطقة ، في المركز 40 على مستوى العالم من حيث مكافحة عدم المساواة. وعلى النقيض من ذلك ، تحتل مصر المركز 104 على المستوى العالمي نتيجة لضعف الأداء في الإنفاق الاجتماعي ، وضعف قوانين العمل وانتهاك حقوق العمال.
قالت ويني بيانيما، المديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام الدولية: "الأمر ببساطة، يؤدي انعدام المساواة إلى احتجاز الناس في فخ الفقر. نحن نرى الأطفال يموتون من أمراض يمكن الوقاية منها في البلدان التي تعاني من نقص تمويل ميزانيات الرعاية الصحية، في حين أن مليارات الدولارات التي يدين بها الاغنياء تضيع في التهرب الضريبي. أخبرتنا النساء اللواتي يعشن على الأجور الزهيدة ويواجهن الجوع أنهن لا ينتفعن نهائياً من أي من الثروات التي يساعدن في إنتاجها. وهذا واقع يمكن تغييره. غالباً ما تتصرف الحكومات وكأنها ملتزمة بمحاربة الفقر ومعالجة انعدام المساواة - وهذا المؤشر يوضح لنا ما إذا كانت أفعال تلك الحكومات تتوافق مع وعودها".
ويظهر المؤشر ايضا :
- سنغافورة الآن من بين الدول العشر الأدنى مرتبة في العالم لجهة معالجة انعدام المساواة وتحتل المرتبة 149، على الرغم من كونها من بين أغنى دول العالم. ويرجع هذا الترتيب، إلى حدّ ما إلى مؤشر جديد يتعلق بمدى تمكين السياسات ببلد ما للشركات من التهرب الضريبي. كما لايوجد حدّ أدنى للأجور للعاملين في سنغافورة، باستثناء عمّال النظافة وحرّاس الأمن.
- وتحتل نيجيريا المركز الأخير للسنة الثانية على التوالي بسبب انخفاض الإنفاق الاجتماعي، وتفاقم انتهاكات حقوق العمال، وضعف التحصيل الضريبي. ويعكس هذا الترتيب وضع الرفاهية لسكان البلاد: إذ يموت واحد من أصل عشرة أطفال قبل بلوغه سن الخامسة.
- بالمقابل، إتخذت جمهورية كوريا خطوات هامّة لمعالجة انعدام المساواة من خلال رفع الحدّ الأدنى للأجور بنسبة 16.4 بالمئة، وزيادة الضرائب على الأثرياء والشركات، وتوسيع نطاق الإنفاق الاجتماعي.
وتشمل الدول الأخرى التي تحقق تقدمًا جورجيا، التي زادت الإنفاق على التعليم بنسبة 6 بالمئة تقريبًا في عام 2017 - أي بنسبة تفوق أي دولة أخرى وإندونيسيا التي زادت الحدّ الأدنى للأجور بنسبة 9 بالمئة تقريبًا العام الماضي.
- تتصدر الدنمارك المؤشر بفضل تاريخ طويل من السياسات التي فرضت الضرائب العالية والتصاعدية، وقدّمت الإنفاق الاجتماعي السخي، وبعض أفضل وسائل الحماية للعمال في العالم. ومع ذلك، فقد تراجعت الحكومات الدنماركية الأخيرة عن العديد من هذه السياسات، ما أدّى إلى ارتفاع سريع لانعدام المساواة.
- حققت دول مثل الأرجنتين والبرازيل نتائج جيدة بسبب الإجراءات التي اتخذتها إداراتها السابقة. ومع ذلك، فإن تجميد الإنفاق الاجتماعي لمدة عشرين عامًا في البرازيل وإجراءات التقشف في الأرجنتين تعرّض هذا التقدم للخطر.
- تنفق الصين من ميزانيتها على الصحة ضعف ما تنفقه الهند، وأربعة أضعاف ما تنفقه هذه الأخيرة على الرعاية الاجتماعية، مما يظهر التزاماً أكبر بكثير بمسألة معالجة الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
وتحسّن هذه النسخة الثانية من المؤشر المنهجية المستخدمة في العام الماضي من خلال شمل مؤشرات جديدة حول التهرّب الضريبي والعنف ضد المرأة ومن خلال الاعتماد على مصادر أحدث للبيانات. ويكشف المؤشر الجديد حول العنف ضدّ المرأة أنه على الرغم من المكاسب الكبيرة التي حققتها حملة "أنا أيضاً" MeToo# وغيرها من حركات حقوق المرأة في الأشهر الأخيرة، فإن أقلّ من نصف الدول تعتمد قوانين ملائمة في ما يخصّ التحرّش الجنسي والاغتصاب.
يعيق انعدام المساواة النمو الاقتصادي، ويقوّض مكافحة الفقر ويزيد من التوترات الاجتماعية. ويتوقع البنك الدولي أنه ما لم تعالج الحكومات قضية انعدام المساواة، فلن يتحقق هدف القضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2030، وسيظلّ ما يقرب من نصف مليار شخص في حالة فقر مدقع.
وقال ماثيو مارتن، مدير منظمة تمويل التنمية الدولية: " أكثر ما يلفت الانتباه بهذا المؤشر هو وضوح مدى عدم ارتباط مكافحة انعدام المساواة بغنى دولة ما أو بكون اقتصادها واحداً من أكبر الاقتصادات. وإنما تتعلق مكافحة انعدام المساواة بامتلاك الإرادة السياسية لرسم وتطبيق السياسات التي من شأنها تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء. ويتيح لنا هذا المؤشر بوضوح معرفة من يفعل ذلك في الواقع".
ملاحظات للناشر
يتوفر "مؤشر الالتزام بخفض معدل انعدام المساواة" والتقرير ومستند المنهجية ومجموعة البيانات من خلال هذا الرابط.
وﯾﺳﺗﻧد اﻟﻣؤﺷر إﻟﯽ أﺣدث اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﻣﺗوﻓرة ﺣﺗﯽ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﻋﺎم 2017. وتعود ﺟﻣﯾﻊ ﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﺿراﺋب واﻟﻌﻣل ﺗﻘرﯾﺑًﺎ ﻟﻌﺎم 2017. وتعود اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﻣﺗﻌﻟﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌﻟﯾم واﻹﻧﻔﺎق اﻟﺻﺣﻲ ﻟﻌﺎم 2016 واﻹﻧﻔﺎق ﻋﻟﯽ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻌﺎم 2015.
كانت نسخة العام الماضي من المؤشر تجريبية، وقد أصدرت لتلقي تعليقات من الخبراء في جميع أنحاء العالم. لا تزال المنهجية الأساسية من دون تغيير، ولكن طرأت إضافات مهمّة توفر رؤية أكثر شمولية لأداء الحكومات عبر المجالات الرئيسية الثلاثة.
على سبيل المثال، ثمّة مؤشرات فرعية جديدة تركز على مدى سماح الدول بالتهرب الضريبي، والتحرش الجنسي والاغتصاب. وبسبب هذه التغييرات وغيرها، فإن المقارنة المباشرة بين تصنيف دولة ما لهذا العام وتصنيفها العام الماضي ستكون غير دقيقة، إذ ترجع بعض التغييرات في التصنيف إلى إجراءات السياسة ويرجع بعضها الآخر ببساطة إلى تغيير في المنهجية.
مجموعة تمويل التنمية الدولية هي منظمة غير ربحية استشارية لبناء القدرات والمناصرة والأبحاث تعمل مع أكثر من 50 حكومة ومنظمة دولية حول العالم. موقع المنظمة هو: http://www.development-finance.org
أوكسفام هي اتحاد دولي يعمل مع الشركاء والمجتمعات المحلية في أكثر من 90 دولة للقضاء على انعدام المساواة الذي يسبب الفقر.
نسرين علي - المسئول الإعلامي الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا