منظمة أوكسفام: تدابير التقشف وأضرارها ذات الصلة بالنوع الاجتماعي هي شكل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي

الثلاثاء, نوفمبر 22, 2022

 

النساء والفتيات "المُستغلات" في إطار السياسات المُضنية والمضللة للانتعاش الاقتصادي

منظمة أوكسفام: تدابير التقشف وأضرارها ذات الصلة بالنوع الاجتماعي هي شكل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي

 

تُعرّض الحكومات في جميع أنحاء العالم النساء والفتيات لمستويات جديدة غير مسبوقة من الفقر والخطر والإرهاق والوفاة المبكرة نتيجة الجهود "المُضنية" شبه العالمية لاسترداد اقتصاداتها من الجائحة وضبط إيقاع التضخم.

وبحسب تقرير جديد أصدرته منظمة أوكسفام اليوم، بعنوان "بطش التقشف" مرفق بالرسالة أعلاه، فإنّ أربعًا من كلّ خمس حكومات هي الآن حبيسة تدابير التقشف ما يخفض الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية بدلًا من الاعتماد على ضرائب الثروة والضرائب الأرباح الاستثنائية غير المتوقعة. وتخذل أكثر من نصف هذه الحكومات أصلًا مواطناتها من نساء وفتيات، من خلال فشلها في توفير الخدمات العامّة والاجتماعية القائمة على النوع الاجتماعي أو توفيرها بشكل غير كافٍ نهائيًا. ويجري معاملة النساء والفتيات كموارد قابلة للاستهلاك.

تقول أمينة هيرسي، رئيسة قسم العدالة بين الأنواع الاجتماعية وحقوق الأنواع الاجتماعية في منظمة أوكسفام: "تتحمّل النساء معظم العواقب الجسدية والعاطفية والنفسية لهذه التخفيضات في الخدمات العامة الحيوية لأنهن يعتمدن عليها أكثر من غيرهن. لذا يشقّ الطريق نحو التعافي من الجائحة على حساب حياة النساء والفتيات وعملهن الشاقّ وأمنهن. إنّ التقشف هو شكل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي".

تغرق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عقد من تدابير التقشف الشاملة، والتي من المقرر أن تواجه النساء والفتيات تحديدا، كواحدة من أكثر الفئات ضعفاً وتهميشاً وتمييزاً ، مما يمكن وصفه بالعنف الاقتصادي. تخطط جميع أنحاء المنطقة لاتخاذ تدابير تقشف إضافية في عام 2023. سبعة من هؤلاء تقدم بالفعل الحد الأدنى من دعم الأمومة والطفولة. بينما في الأرض الفلسطينية المحتلة ، قامت السلطة الفلسطينية بتخفيض رواتب النساء الفلسطينيات، اللاتي يشكلن 59 و 57 في المائة من قطاعي الصحة العامة والتعليم على التوالي ، بسبب حجز إسرائيل للإقرارات الضريبية.
و في مصر، أثر تجميد فاتورة أجور القطاع العام وفقدان الوظائف بشكل غير متناسب على إمكانات الكسب لدى النساء.

إلا أنّ التقشف ليس بالأمر الحتمي، وإنمّا هو خيار: فإمّا أن تواصل الحكومات التسبّب بالضرر من خلال خفض الخدمات العامة، أو يمكنها زيادة الضرائب على من يقدرون على تحمّل عبئها. ويمكن لضريبة الثروة التصاعدية على أصحاب الملايين والمليارات في العالم أن تجمع مبلغًا يفوق بما يقرب من تريليون دولار ما تخطّط الحكومات لتوفيره من خلال التخفيضات في عام 2023.

 

تواجه النساء والفتيات - وهن من أكثر الفئات ضعفاً وتهميشاً وتمييزاً - في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الغارقة في تدابير تقشفية شاملة منذ عقد، المزيد من العنف الاقتصادي المستمر على الأقل في 11 دولة تتحضر لاتخاذ تدابير تقشفية إضافية في عام 2023. علمًا أنَّ سبع من بين تلك الدول تقدم ما بين الحد الأدنى من إعالة الأمومة والطفل أو انعدامها.

 

بينما في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قامت السلطة الفلسطينية بتخفيض رواتب النساء الفلسطينيات، اللواتي يشكلن 59 و 57 في المائة من قطاعي الصحة العامة والتعليم على التوالي، لأن إسرائيل تحتجز الإقرارات الضريبية. وفي مصر، أثر وقف دفع أجور القطاع العام وفقدان الوظائف بشكل غير متناسب على إمكانات الكسب لدى النساء.

 

وتُظهر التقارير الأخيرة الصادرة عن وكالات الأمم المتحدة أنّ النساء والفتيات في العالم يعشن أصلًا أوضاعًا صعبة، وتعتقد منظمة أوكسفام أنّ سياسات التقشف تساهم في:

  • انضمام المزيد من النساء والفتيات إلى 1.7 مليار امرأة يعشن أصلًا تحت خطّ الفقر البالغ 5.50 دولارات في اليوم؛
  • تراجع في معدّل "العودة إلى العمل" غير المتكافئ للنساء اللواتي حصلن بين عامي 2019 و2022 على 21% فقط من جميع مكاسب التوظيف المتوقعة، مع تحوّل العديد من هذه الوظائف إلى وظائف أكثر استغلالًا وخطورة؛
  • تحميل النساء المزيد من المسؤولية عن الرعاية، على الرغم من أنهن قد عملن أصلًا 512 مليار ساعة إضافية غير مدفوعة الأجر في عام 2020؛
  • تعرّض النساء والفتيات لمزيد من الصعوبة في الحصول على الماء النظيف – الأمر الذي يموت أصلًا بسببه 800,000 امرأة وفتاة كل عام - إلى جانب الغذاء الميسور التكلفة نظرًا للارتفاعات الحادّة في التكاليف؛
  • المزيد من العنف، إذ واجهت واحدة من كل عشر نساء وفتيات عنفًا جنسيًا وجسديًا من شريك حميم في العام الماضي. ولمزيد من تقليص الميزانيات أثناء الإغلاق، أغلقت 85% من البلدان خدمات الطوارئ للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وفقًا لمراجعة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

 

بما أنّه يُتوقع أن يتعرّض أكثر من 85% من سكان العالم لتدابير تقشفية في عام 2023، فإنّ هذا الوضع الكارثي أصلًا سوف يتفاقم، لا سيّما مع كون أولويات الحكومات بوضوح في أماكن أخرى: إذ يكفي 2% من إنفاق الحكومات العسكري لإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي بين الأشخاص في 132 بلدًا.

 

وتقول هيرسي: "تمزج سياسات التقشف بين النظام الأبوي والأيديولوجية النيوليبرالية لزيادة استغلال الأشخاص الأشدّ اضطهادًا داخل المجتمع وتجاهل احتياجاتهم بصورة متعمّدة".

وأضافت هيرسي، "إنها ليست مجرد سياسة نوع اجتماعي بل هي أيضًا عملية قائمة على النوع الاجتماعي في "الحياة اليومية" نظرًا إلى الطريقة التي تطال بها جميع نواحي الحياة اليومية للنساء على وجه التحديد، في دخلهن، ومسؤولياتهن في الرعاية، وقدرتهن على الوصول إلى الخدمات الضرورية مثل الصحة والماء والنقل، وفي سلامتهن العامّة وتحرّرهن من العنف الجسدي في المنزل، وفي العمل، وفي الشارع".

 

ويبيّن التقرير أنّ النساء يتأثرن بالتخفيضات في الخدمات والحماية الاجتماعية والهياكل الأساسية مرّتين: الأولى بشكل مباشر، من خلال ارتفاع الأسعار أو فقدان الوظائف؛ والثانية بشكل غير مباشر لأنهنّ يضطلعن بدور "امتصاص الصدمات" في المجتمع فيما يُتوقع منهن الصمود والاعتناء بالجميع عندما تنكفئ الدولة عن أداء دورها. فعلى سبيل المثال، على الرغم من التأثير الهائل لتضخم أسعار المواد الغذائية، ومع كون أكثر من 60% من الجياع في العالم من النساء، طلب صندوق النقد الدولي من تسعة بلدان، بما في ذلك الكاميرون والسنغال وسورينام، اعتماد أو زيادة الضريبة على القيمة المضافة التي غالبًا ما تنطبق على المنتجات اليومية - بما في ذلك المواد الغذائية.

 

وبحسب ما أورده التقرير فإنّ الحكومات تتابع سياساتها الاقتصادية في ظلّ الفراغات في البيانات القائمة على النوع الاجتماعي. فلا يُتاح حاليًا سوى أقلّ من نصف البيانات اللازمة لرصد الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة لتحقيق المساواة بين الانواع الاجتماعية. ولا يجري تصنيف سوى حوالي 35% فقط من البيانات المتعلقة بالصحّة المبلغ عنها حسب النوع الاجتماعي، فيما تكون البيانات أندر بالنسبة لأعضاء مجتمع الميم الذين يُغفَلون تقريبًا في جمع البيانات والاستبيانات. وبحسب هيرسي: "فإنّ غياب البيانات المنهجي هذا بشأن العنف الاقتصادي الذي يُرتكب ضدّ النساء وأعضاء مجتمع الميم يعني أن الحكومات تتخذ قراراتها الاقتصادية تحت جنح الظلام".

 

"وتدفع النساء الثمن الباهظ للاختيار الخاطئ بين تقديم الدولة للخدمات الاجتماعية والعامّة أو سداد الديون وجذب الاستثمار والنمو. ولا ينبغي أن يكون الأمر كذلك"، وفق ما تقوله هيرسي. ويضيف التقرير أنّه يجب على الحكومات تبنّي خيارات السياسة الاقتصادية النسوية التي تركز على الإنسان لمعالجة أوجه اللامساواة ودعم رفاهية الفئات المهمّشة من الانواع الاجتماعية والأعراق والاثنيات في جميع البلدان.

وتدعو منظمة أوكسفام جميع الحكومات إلى إنهاء التقشف والبحث عوضًا عن ذلك عن بدائل مثل الميزانية النسوية والضرائب التصاعدية، إذ تُستثمر الضرائب في الحماية الاجتماعية الشاملة والخدمات العامة، ووضع الاحتياجات المحدّدة للنساء والفتيات والأشخاص غير الثنائيين في قلب عملية رسم السياسات. كما تدعو إلى توفير العمل اللائق من خلال التنفيذ الكامل لمعايير عمل منظمة العمل الدولية، بما في ذلك على وجه الخصوص للنساء في الاقتصادات غير النظامية واقتصادات الرعاية.

وتدعو منظمة أوكسفام صندوق النقد الدولي كذلك إلى التوقف عن فرض تدابير التقشف المؤلمة والفاشلة، وتعليق شرط التقشف على جميع برامج القروض القائمة. كما تدعو البلدان الغنية إلى التعجيل بإلغاء الديون وإلى التمويل الخالي من الديون للبلدان ذات الدخل المنخفض.

 

ملاحظة للناشرين

تخطط 11 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإجراءات تقشف إضافية لعام 2023: الجزائر ، جيبوتي ، مصر ، العراق ، الأردن ، الكويت ، موريتانيا ، عمان ، السعودية ، تونس ، الإمارات العربية المتحدة

  • سبعة من البلدان التي تقدم الحد الأدنى من دعم الأمومة والطفولة: الجزائر ، جيبوتي ، مصر ، العراق ، الأردن ، موريتانيا ، تونس
  • إطلاق حملة #EndAusterity #إنهاء_التقشف خلال مهرجان إنهاء التقشف في 28 سبتمبر 2022. وقد شاركت في هذه الحملة المنظمات التالية: منظمة أوكسفام، والشبكة الأوروبية للديون والتنمية، وشبكة أمريكا اللاتينية للعدالة الاقتصادية والاجتماعية – (Latindadd)، وتحالف الشفافية المالية، وتحالف المرقب العربي، ومشروع بريتون وودز، ومنظمة العدالة الاجتماعية العالمية، ومنظمة العمل الدولية للمعونة، ومنظمة WEMOS، ومنظمة إيبون "Ibon" الدولية، وتحالف مكافحة اللامساواة، ومركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وشبكة العالم الثالث، ومعهد الدراسات الاجتماعية والاقتصادية في البرازيل، ومنظمة المساواة بين الانواع الاجتماعية: المواطنة والعمل والأسرة وحملة الحملات.


التقرير متوفر على الرابط

https://oxfam.app.box.com/s/m3w9px78e6zd2206ea5bsp5xu5yt4o3k