النساء، والسلام، والأمن في منطقة "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"

النساء، والسلام، والأمن في الشرق الأوسط

تواجه النساء في منطقة "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في حياتهنّ اليومية صعوبات شتّى منها انعدام المساواة بين الجنسين، في ظل الصراعات في المنطقة والتي تزيد من وضعهنّ سوءاً. في هذا الإطار، قامت جولي ديالو وسارية غزاوي بتنظيم أول ندوة ضمن سلسلة من الندوات الالكترونية الجديدة حول العدالة الجندرية، والتي استضافها برنامج أوكسفام الإقليمي للعدالة الجندرية، وذلك للبحث في مسألتي سلامة النساء وأمنهنّ.

 

"(...) يشعر الناس اليوم بالخوف[...] فمنذ شهرين، مثلاً، حين قالوا إن داعش قادمة، أردنا جميعاً إخلاء مدننا، وأقله إرسال عائلاتنا إلى مكان آمن، بسبب طريقة خطفهم للفتيات، تلك الفتيات وتلك النساء، فضلاً عن أن كل ما يتداول عن كيفية اغتصابهن واختطافهن أمر مخيف للجميع". 

 

إنه صوت ناشط عراقي يتحدث عن واقع الكثير من النساء والفتيات اللواتي يعشن في ظل هذا الصراع، إذ يبيّن كيف يُستخدم العنف الجنسي كسلاح. فمنذ سنوات عدّة ومنطقة "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" تشهد تفاقماً في الاضطرابات السياسية، وعدم الاستقرار، والصراعات، الأمر الذي يحول دون تمتّع النساء والفتيات بحقوقهن الإنسانية الجوهرية وممارستها. هذا ويعتبر ارتفاع عدد اللاجئات السوريات إلى 2,3 ملايين في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2015، وهو أعلى بقليل من عدد اللاجئين الذكور، دليلاً آخر على أن النساء والفتيات تدفعن ثمن هذه الصراعات. تؤكد دراسة حديثة على أنّ 28% من الأسر التي شملتها الدراسة في الأردن أفادوا عن مغادرتهم سوريا هرباً من العنف، بما في ذلك العنف الجنسي والعنف على أساس النوع الاجتماعي.

 

اتّسم العام 2015 بأهميّته بالنسبة إلى النساء والفتيات حيث "احتفل" العالم بالذكرى السنوية للقرار رقم 1325 الصادر عن مجلس الأمن في العام 2000، حول قضية النساء، والسلام، والأمن. شكّل هذا القرار التاريخي المبادرة الأولى التي سلّطت الضوء على ضرورة حماية النساء ضدّ كافة أشكال العنف في أوقات النزاعات، فضلاً عن إدراجهن بشكل كامل في عمليات منع نشوب النزاعات وتسويتها. وعلى الرغم من أنّ القرار /1325/ يضع خارطة طريق واضحة لتنفيذ جدول الأعمال المتعلق بالنساء، والسلام، والأمن، إلاّ أنّ الحكومات والمنظمات الدولية لم تتمكن من الوفاء بالتزاماتها. لقد أصدر مجلس الأمن في الأمم المتحدة قراراً آخر هذه السنة، وهو القرار رقم /2242/ الذي يشدّد على أهمية حماية النساء، وتعزيز القيادة النسائية ودورها الفاعل في عملية صنع القرار.

لا تُستثنى، في الواقع، منطقة "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" من موجة العنف ضد النساء والفتيات التي تجتاح العالم، حيث لا تزال الكثير من الدول تخذل النساء بسبب فشلها في إيلاء سلامتهن وأمنهن ومشاركتهن السياسية اهتماماً كافياً. لا تزال ثغرات كبيرة تشوب التشريع الذي ينص على إنهاء العنف ضد النساء والفتيات وعملية تطبيقه. بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: "يفتقر ما يقارب ثلثي الدول في منطقة "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" إلى تشريعات تتناول التحرش الجنسي، والاغتصاب، والعنف الأسري". هذا وأدّت هذه الثغرات في بعض الدول إلى ارتفاع معدّلات انتشار العنف ضد النساء والفتيات، وإلى ظهور مواقف واتجاهات اجتماعية واسعة الانتشار تتقبلّ العنف ضدّ النساء والفتيات، حيث كشفت المنظمة المصرية خريطة التحرش في العام 2013 عن أنّ 99,3% من النساء في مصر تعرضن إمّا للتحرّش الجنسي أو العنف.

بالرغم من أنّ مشاركة النساء تُعتَبر شرطاً أساسياً لتحقيق السلام المستدام وبناء المجتمعات الدامجة للجميع، إلاّ أنّ بعض الدول في منطقة "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" لا تزال متأخرة جداً في مسألة مشاركة النساء في الحياة العامة. 17% فقط من المناصب البرلمانية في المنطقة تستحوذهن نساء، وهو ما يُعد أحد أدنى المعدلات الإقليمية. تُشكّل هذه المشاركة المحدودة بالتالي عقبة إضافية تحول دون حصول النساء على حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية.

إذا ما نظرنا إلى حجم تمثيل النساء ومشاركتهن في عمليات صنع السلام، نجد بأن الدّول ومنظومة الأمم المتحدة في منطقة "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" لم تحوّل أقوالها إلى أفعال بعد في ما يخص بزيادة مشاركة النساء في عمليات السلام. ففي العام 2014، خلت الوفود التي شاركت في مؤتمر جنيف 2 حول سوريا من أي مشاركة النساء. بالإضافة إلى ذلك، ظل المعدّل العالمي لمشاركة النساء في بعثات حفظ السلام 4%، وهي نسبة مماثلة لتلك التي سُجّلت لبعثات الأمم المتحدة الأربع لحفظ السلام في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

مضى على صدور قرار مجلس الأمن رقم /1325/ خمسة عشر عاماً، وتلاه سبعة قرارات، ولا تزال النساء هن المستهدَفات الأبرز خلال الصراعات، ولا يزال تأثيرهن في عمليات السلام وعمليات صنع القرار ضعيفاً.