السوريون تحت رحمة الصراع وتغير المناخ

سنوات من الصراع دمرت سوريا، ولكن قبل اندلاع الحرب، كانت البلاد قد بدأت بالفعل بالتغير. كان للجفاف، ودرجات حرارة الصيف المتزايدة، ونقص المياه، تأثير على الزراعية التي يعتمد عليها جزء ل لا يستهان به من الاقتصاد السوري. أولئك الذين ما زالوا يحاولون كسب عيشهم من الأرض، يتوجب عليهم الآن التعامل مع تغير المناخ الذي يزيد من معاناتهم مع دمار الصراع.

مروة، 23 سنة، تعيش في بقرص العليا، وهي بلدة في ريف دير الزور، شرقي سوريا. هربت هي وعائلتها المكونة من تسعة أفراد من مسقط رأسهم خلال القتال، وعادوا مؤخرًا على أمل استئناف العمل في مزرعة صغيرة كانوا يزرعونها في السابق بالقمح ومختلف أنواع الخضروات.

"كانت الزراعة مصدرنا الرئيسي للدخل، لكن السنوات القليلة الماضية كانت صعبة للغاية حيث أصبحت المياه أقل توفرًا"، تقول مروة لمنظمة أوكسفام.

خلال المواسم الجافة، عندما يكون هطول الأمطار نادرًا، تصبح المياه المجرورة عبر القنوات الصغيرة أو القنوات المتصلة بنهر الفرات أو الآبار المحفورة عشوائيًا هي مصدر المياه الوحيد في هذه المجتمعات. دمر الصراع البنى  التحتية للري بشكل كبير، كما تم تدمير أو نهب جزء كبير من المعدات والآلات والأدوات التي يعتمد عليها المزارعون. نتيجة لذلك، أصبح من الصعب زراعة المحاصيل، أو كسب لقمة العيش من الزراعة أو تأمين المياه للمواشي.

"كل ما يمكن أن نأخذه من هذه الأراضي هو الأوراق الجافة والأغصان الخشبية التي نستخدمها في مواقدنا لإشعال النار"، تضيف مروة.

مروة وعائلتها ليسوا الوحيدين. آلاف من الناس يواجهون التحديات نفسها في هذه الدولة التي مزقتها الحرب والتي كانت ذات يوم إحدى سلال الخبز في الشرق الأوسط، حيث كانت سوريا تصدر الفواكه والخضروات والبقوليات والماشية إلى البلدان المجاورة والمنطقة. يكافح الناس الآن لوضع الطعام على موائدهم. أدت الأزمة إلى تشريد الناس، لم تعد الأسر قادرة على زراعة أراضيها، و دُمّرت البنى التحتية الحيوية. وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن 6.5 مليون شخص ليس لديهم ما يكفي من الطعام، بينما هناك 2.5 مليون شخص إضافي في جميع أنحاء سوريا معرضون للخطر المجاعة إذا لم يتلقوا الدعم.
 

تعيش هنوف، 37 سنة، في بقرص العليا مع أطفالها وحماتها. فقد زوجها ذراعه في النزاع، لذا يتعين على هنوف إعالة أسرتها. "حتى قبل بضع سنوات، كنا أنا وزوجي نعمل في قطعة الأرض الصغيرة التي نمتلكها. لكننا اضطررنا للتوقف، إذ لم يعد يوجد ما يكفي من المياء لزراعة المحاصيل". وسيلة كسب لقمة العيش الوحيدة المتبقية لهنوف هي زراعة الأعشاب في حديقتها الخلفية، حيث تقوم ببيعها لاحقاً لجيرانها.

تغير المناخ حقيقي ويحدث الآن، وهي ظاهرة تزيد من معاناة الناس عامةً والأشد ضعفاً خصوصاً. أولئك الذين عاشوا سنوات من الصراع وفقدوا كل شيء في الحرب. أشخاص مثل هنوف ومروة.

ولكن بينما اجتمع قادة العالم، الأسبوع الماضي، في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لمناقشة حالة الطوارئ المناخية - من بين العديد من المواضيع الملحة الأخرى – فهل يا ترى تم النظر في الاحتياجات الحقيقية ووجهات النظر والخبرات للأشخاص على الجانب الآخر من الكوكب؟ أولئك الذين يعانون بالفعل من عواقب ارتفاع درجات الحرارة، شحّ المياه، الصراع، الفقر وعدم المساواة؟

بقلم نادين مظلوم، المستشارة الإعلامية، أوكسفام في سوريا 
وتحرير دانيا القاره المسؤولة الاعلامية، أوكسفام في سوريا