عوامل الصراع والأزمات الاقتصادية وتغير المناخ تشكل أرض خصبة لتفشي وباء الكوليرا من جديد في اليمن
حذرت منظمة أوكسفام من الارتفاع المقلق مؤخرا في عدد حالات الكوليرا المسجلة في اليمن وخصوصاً في الأسابيع الأخيرة والذي يهدد بالتحول إلى وباء، إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة وبسرعة عاجلة.
في الأسابيع الأخيرة تم تسجيل حالات إصابة بالكوليرا في ست محافظات جنوب وشرق اليمن، وكذلك في محافظتين في الشمال. وفي الفترة ما بين 2 أكتوبر و3 ديسمبر، تم الإبلاغ عن 1336 حالة مشتبه بها و11 حالة وفاة مرتبطة بها في جنوب البلاد. إن شحة وجود التقارير المتعلقة بحالات الكوليرا في عدد من المناطق يعني أن الأرقام الفعلية من المرجح أن تكون أعلى من ذلك بكثير.
تنجم الإصابة بالكوليرا عن نقص المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، وهي مرض شديد العدوى والانتشار، خاصة في الأماكن المزدحمة. وقد تأثرت بها مجتمعات المهاجرين بشكل متفاوت، مما يعكس التحديات المتزايدة التي يواجهونها في الوصول إلى المياه النظيفة والخدمات الصحية.
بالنسبة لليمنيين، أثارت هذه الحالات مخاوف من احتمال عودة مستويات الكوليرا التي لم تشهدها البلد منذ وباء 2016-2021، عندما تم تسجيل 2.5 مليون حالة إصابة و4000 حالة وفاة مرتبطة بها. وفي عام 2019 تم تسجيل 93 في المائة من جميع حالات الكوليرا في العالم في اليمن.
بحلول عام 2021، انخفض عدد الحالات بشكل كبير، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى برامج التطعيم الناجحة. لكن نقص التمويل، وخاصة فيما يتعلق بتوفير اللقاح، يهدد بإفشال هذا العمل الجيد.
ناصر، 37 عاماً، من مديرية عبس بمحافظة حجة، فقد ابنته بعد معاناتها بأعراض الاشتباه بالكوليرا:
"لقد فقدت إحدى اطفالي بسبب الإسهال والقيء الحاد، وأخاف على ابنتي الأخريين. عندما أخذت ابنتي الصغيرة البالغة من العمر ثلاثة أشهر إلى المستشفى بقيت هناك لعدة أيام، ثم طلبوا منا أن نأخذها إلى المنزل بعد أن استقرت حالتها. في اليوم التالي، بدأت حالتها تسوء وبعد أربعة أيام من المعاناة، توفيت بين ذراعي”.
يحتاج الآن عشرون مليون يمني إلى المساعدة الصحية، في حين ان القطاع الصحي يعاني من نقص التمويل حيث وصلت نسبة تمويله الى 40 في المائة فقط من الإحتياج (1) كما عانى القطاع الصحي من التدمير بسبب آثار حرب استمرت لما يقرب من تسع سنوات. وتعمل في اليمن فقط نصف المرافق الصحية إما جزئيًا أو لا تعمل ابدا بسبب نقص الموظفين والتمويل والطاقة، فضلاً عن نقص الأدوية واللوازم والمعدات.
في محافظات حضرموت والمهرة وأرخبيل سقطرى، تأثرت أكثر من 18,000 أسرة مؤخرًا بالفيضانات الناجمة عن إعصار تيج، مما ألحق أضراراً بالغةً بالبنية التحتية الصحية والصرف الصحي، فضلاً عن منازل المواطنين وسبل عيشهم.
لا يستطيع أكثر من 15 مليون شخص في اليمن الحصول على المياه النظيفة، وتتأثر بينهم شريحة النساء والأطفال بشكل متفاوت.
قال عبد الواسع محمد، مدير الحملات والمناصرة والإعلام في منظمة أوكسفام في اليمن:
"يجب أن يكون الارتفاع الكبير في حالات الكوليرا بمثابة دعوة للاستيقاظ لقادة اليمن والمجتمع الدولي ككل. يمكن، بل ينبغي، الوقاية من الكوليرا وعلاجها بسهولة، ولكن بدون الاستثمار المناسب في النظام الصحي، والحصول على المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي واللقاحات، سيستمر اليمنيون في دفع الثمن.
"تزدهر الكوليرا في أوقات النزاع. وقد أدت ما يقرب من تسع سنوات من الحرب في اليمن إلى تدمير النظام الصحي وسلب العديد من اليمنيين حياتهم وسبل عيشهم. نحن بحاجة ماسة إلى سلام عادل ومستدام من أجل السماح للبلاد بالبدء في إعادة البناء والتعافي."
تدعو منظمة أوكسفام المجتمع الدولي إلى توفير التمويل الكافي للمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، لا سيما برامج الصحة والقدرة على الصمود وسبل العيش، وزيادة الجهود للتفاوض على سلام دائم وشامل في اليمن.