وفقاً لبحث أجرته منظمة اوكسفام في اليمن فإن ما يقرب من عائلتين من كل خمس عائلات يقومون بشراء الطعام والأدوية عن طريق الديون

الخميس, فبراير 18, 2021

إن العديد من الأسر اليمنية تعاني من ضائقة الديون، بينما تعيش حالة من عدم الإستقرار معتمدة بشكل أساسي على حسن نية أصحاب المحلات التجارية بينما تعاني لسدادها من شهر إلى آخر.

أخبر عدد من الاشخاص منظمة أوكسفام أنهم لا يستطيعون اقتراض الأموال التي يحتاجون إليها من أجل تغطية إحتياجاتهم الأساسية من الغذاء والدواء، ما لم يعلم أصحاب المحلات التجارية  مُسبقاً بأن لديهم دخلًا شهريًا، وقد يعني هذا بالنسبة للكثيرين تلك الأموال التي يتلقونها من المُنظمات الإنسانية.

في العام الماضي، لم يقدم المانحين سوى نصف المبالغ اللازمة لتمويل أكبر أزمة إنسانية في العالم. مع إقتراب موعد إعداد ميزانية الاحتياجات الإنسانية للأمم المتحدة لعام 2021، تحث أوكسفام المجتمع الدولي على أن يكون سخياً عند التعهد بتقديم الأموال.

هذا وقد اضهرت نتائج البحث الذي اجرته منظمة اوكسفام أن أصحاب المحلات التجارية في اليمن قد قدّروا أن عدد الأسر التي تلجأ الى الدين لشراء الطعام قد ارتفع بنسبة 62 في المائة منذ بدء الصراع في اليمن في العام 2015. فيما يُقدر مالكي الصيدليات زيادة بنسبة 44 في المائة في نسبة الديون الممنوحة لتغطية تكاليف الأدوية لبعض الأسر.

أُجبرت ليلى منصور، 31 عامًا، وعائلتها على الفرار من منزلهم في إحدى مناطق النزاع النشطة في محافظة الحديدة قبل ثلاث سنوات – تمكنت ليلى واسرتها من الفرار بأعجوبه ولم يحملوا معهم سوى الملابس التي عليهم. هذا وقد صرحت ليلى بأنها غالبًا ما تكون مدينًة للمتاجر مقابل الطعام مايصل قيمته الى 10,000 و 12,000 ريال يمني (حوالي 11 دولارًا أمريكيًا - 15 دولارًا أمريكيًا). نتيجة لإنعدام مصادر الدخل فإن ليلى وعائلتها قد اصبحوا غير قادرين على تناول اللحوم أو الأسماك إلا في مناسبات نادرة. قالت ليلي: "نعيش حاليّاً كابوساً مُخيف. لحسن الحظ فنحن حتى الآن لم نحتاج إلى تلقي الرعاية الصحية  - لكنني أخشى أننا لن نتمكن من تحمل نفقته اذا ما اُضطررنا لذلك لاقدر الله."

من جانبه، فقد صرّح إبراهيم يحيى الوزير، الذي أجرى البحث لصالح منظمة أوكسفام في اليمن: "إن يُعاني الفرد بهذا الشكل من اجل توفير الطعام والدواء لأسرته لهو امر من الصعب تجنبه بالنسبة للملايين في اليمن الذين لايجدون سبيلاً سوى ان يجدوا الحلول للتغلب على ذلك بشتى الطُرق الممكنه وبشكل يومي. نحن بحاجة إلى السلام حتى لا يضطر المزيد من اليمنيين للنزوح من منازلهم وتجرع الفقر. لقد حوّلت الحرب موطني إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم والأمر يزداد سوءًا. إذا ماحل السلام فإنه سيُتيح للناس إسترجاع حياتهم ومصادر دخلهم، لكننا ايضاً بحاجة إلى الدعم لمساعدة المجتمعات على القيام بذلك ... جُل ما نريد الان هو ان يعود الوضع الى حالته الطبيعية ".

من جانب اخر، يحتاج حوالي 24.3 مليون يمني، أي ما يزيد عن 53 في المائة من السكان إلى المساعدة الإنسانية بشكل فوري. هذا العام، سيعتمد 16.2 مليون يمني على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة، فيما يفتقر 17.9 مليون شخص للرعاية الصحية في بلد لا تعمل فيه سوى نصف المرافق الصحية بشكل كامل. تشير التقديرات إلى أن واحدًا من كل خمسة أطفال في أجزاء من اليمن يُعاني من سوء التغذية الحاد، كما انه سيكبر مع مشاكل صحية قد ترافقه مدى الحياة إن لم يتمكن من الحصول على المزيد من الغذاء.

تقدم منظمة أوكسفام، إلى جانب المنظمات الأخرى العاملة في اليمن الدعم للأسر المتعثرة عبر الحوالات النقدية التي تتيح للأشخاص حرية اختيار كيفية إنفاقها، كما تساعد ايضاً على إنعاش الأسواق المحلية.

هذا وقد صرّحت العديد من العائلات التي تعاني من الديون بأنها تُعاني من مُتأخرات في السداد بشكل دائم - مستخدمين المُساعدات النقدية التي يتلقونها لسداد ما يدينون به، ثم يقومون بعد ذلك بالإستدانة مُجددا،ً وذلك الى حين وصول الموعد القادم لإستلام المساعدات الإنسانية. الجدير بالذكر ان الوضع يزداد سوءًا بسبب إرتفاع مستويات التضخم الناتج عن إستمرار الصراع، وذلك يعني أن القيمة الفعلية للنقد مُستمرة في التناقص، ومن الناحية العملية ، فإن ذلك يعني ان نفس المبلغ سيشتري مواداً غذائية أقل في كل شهر.

هند قاسم، 45 سنة، كانت حاملاً بطفلها العاشر عندما قُتل زوجها بقذيفة مدفعية مما أجبرها على الفرار مع أطفالها، في البداية كانوا يعيشون تحت غطاء بلاستيكي معتمدين على بقايا الطعام التي تقدمها العائلات المجاورة للبقاء على قيد الحياة. ثلاثة من أبنائها يُعانون من فقر الدم المنجلي ويحتاجون إلى نقل دم كل شهر. قالت هند: "حالياً، أتلقى 45,000 ريال يمني (حوالي 70 دولارًا أمريكيًا) كل شهر، نعم، هذا لا يكفي لتغطية جميع إحتياجاتنا ولكنه يُساعد كثيرًا. أنا الآن قادرة على دفع تكاليف علاج أطفالي وشراء بعض الدقيق والخضروات لنأكلها. ستسمح لنا المحلات الآن بشراء الطعام عن طريق الدين كوننا نتلقى مساعدة شهرية ".

صرّح مُلاك متاجر المواد الغذائية والصيدليات في حديثهم مع موظفي منظمة  أوكسفام بأنهم يسمحون للعملاء بالشراء عن طريق الدين لأنهم يتعاطفون مع الصعوبات القاسية التي تواجههم. وقال البعض أيضًا إن ذلك مناسباً من الناحية الاقتصادية وذلك كونه يُساعد في ضمان إستمرار تجارتهم، فيما صرّح أصحاب الصيدليات إنهم لا يريدون ان يكونوا مسئولين عن وفاة شخص ما في حالة ان رفضوا بيعه الدواء عن طريق الدين.

قال عبد الكريم صلاح ، احد مالكي محلات البقالة في مُحافظة صنعاء: "لم يتبق لنا خيار (سوى البيع عن طريق الدين)، الناس يائسون، ونحن نكافح من أجل استمرارية العمل. بينما يستطيع البعض الدفع، لا يستطيع الآخرون ذلك. هذه مشكلة. نحن نوافق فقط على إقراض الأشخاص الذين لديهم مصدر دخل موثوق به، كالموظفين وأصحاب الأعمال، والعمال بالأجر اليومي، أو أولئك الذين يتلقون المساعدات الإنسانية، مالم فستكون خسارة لا يمكننا تحملها خاصة وان تكاليف التشغيل والبضائع التي نبيعها باهضة. إنه لأمر مؤسف بالفعل! "

إضافة الى ذلك، فقد أخبر أصحاب متاجر البقالة منظمة أوكسفام أن الدين غالبًا ما يستخدم لشراء السلع الأساسية مثل الخبز والدقيق والسكر والأرز والبقوليات وزيت الطهي. أما في الصيدليات فيُستخدم الدين عادةً لشراء أدوية لمرضى السكري وارتفاع ضغط الدم أو لعلاجات الحمى و الإسهالات في المناطق الريفية.

كما اخبر رجال الأعمال ذات الصلة منظمة أوكسفام أنهم يشعرون أن وضع الديون غير مستدام لأن عملائهم يُصبحون غير قادرين تدريجياً على سداد جميع ديونهم كل شهر، وعليع فإن المستويات المرتفعة للديون التي تتكبدها أعمالهم تعني أن مستقبلهم يبدو غامضاً بعض الشئ.

إذا توقف أصحاب الأعمال عن السماح للمواطنين بالشراء عن طريق الدين فلن يتمكن الناس من تناول الطعام، مما سيؤدي إلى إرتفاع مستويات سوء التغذية. كما تشعر منظمة أوكسفام بالقلق من أنه إذا لم يكن لدى أصحاب المتاجر الأموال لتجديد مخزونهم، فإن النقص الناتج قد يؤدي إلى ارتفاع في أسعار المواد الغذائية.

معلومات للمحررين:

 

وسوم: