البطلة المجهولة: يمنيات يقدن العمل الإنساني
البطلة المجهولة: يمنيات يقدن العمل الإنساني
"مهما كان الطريق صعباً، أؤمن بقوة المرأة في القيادة والإلهام وتغيير العالم." – خديجة الحرسي
النساء اليمنيات بطلات خفيات تجدهن في كل أسرة وكل منزل وكل مخيم للنازحين وكل مؤسسة. هنّ العمود الفقري لمجتمعاتهنّ في الأوقات الجيدة والسيئة.
غالبًا ما يتم استبعادهن أو إسكاتهن أو تجاهلهن، وقد تجاوزن الكثير من الصعوبات وربّينَ أجيالًا وجمعنَ رماد هذا الصراع المدمر. وعلى الرغم من التحديات، تمكنّ من المساهمة في مجتمعاتهنّ بما استطعنَ من موارد.
تكريم إرث النساء اليمنيات
حققت المرأة اليمنية العديد من الإنجازات البارزة التي تميّزت بها في سياق المجتمعات الأخرى في شبه الجزيرة العربية والخليج. كما حققت العديد من المراتب الأولى على المستوى الإقليمي: أول نائبة وزيرة، وأول عميدة لكلية الاقتصاد، وأول مذيعة تلفزيونية، وأول مذيعة إذاعية، وأول قائدة طائرة مدنية.
بعد العديد من الصراعات، تواجه المرأة اليمنية تحديات كبيرة فيما يتعلق بتولي أدوار قيادية، خاصة في مجال صنع السياسات والمنظمات المجتمعية. غالبًا ما تحدّ القيم الثقافية العميقة والانحيازات الجندرية من مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار، سواء على مستوى المجتمع أو داخل المؤسسات الحكومية. تتفاقم هذه الحواجز بسبب عدم الاستقرار السياسي والصراع المستمر، اللذان زادا من عدم المساواة بين الجنسين وحدّا من فرص قيادة المرأة.
في هذا السياق الصعب، تبرز خديجة، قائدة في مؤسسة التضامن للتنمية. تسعى جاهدة لضمان سماع صوت المرأة في أروقة السلطة ومراكز صنع القرار. ومع ذلك، فإن الطريق محفوف بالعوائق، بما في ذلك محدودية الوصول إلى الموارد وشبكات الدعم والمساحات المناسبة. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإنها تستمر في المضي قدمًا، ملهمة الآخرين وممهدةً الطريق للأجيال القادمة من القيادات النسائية في اليمن.
الدكتورة خديجة الحرسي/ مؤسسة التضامن للتنمية - منظمة المجتمع المدني الشريك مع أوكسفام / 2024 / حقوق الصورة: ندى السقاف
"أؤمن بدور المرأة"
كان شغف خديجة بمساعدة الآخرين واضحًا منذ البداية. فقد تابعت تعليمها في جامعة الكويت وعملت لاحقًا في وزارة النفط والمعادن، متخصصة في الكيمياء الحيوية. ومع ذلك، في عام 1994، واجهت حياتها المهنية انتكاسة كبيرة بسبب التحديات السياسية التي أعقبت الحرب بين جنوب وشمال اليمن.
بعد الحرب، "تم تجميد منصبي، ثم أجبرت على التقاعد". "لم يتمكنوا من قبول إيماني بدور المرأة"، كما تتذكر. وعلى الرغم من اعادتها إلى السلطة المركزية، أدت التحديات المستمرة إلى تقاعدها المبكر. "لم أتمكن من التنازل عن قيمي، ولم يتمكنوا من قبول ذلك".
تواجه النساء اللواتي يتولين أدوار قيادية مقاومة، ليس فقط من نظرائهن الذكور، بل أيضًا من التوقعات المجتمعية التي تعطي الأولوية للأدوار الجندرية التقليدية. وعلى الرغم من تعليمهنّ وخبرتهنّ والتزامهنّ بالخدمة العامة، غالبًا ما يتم تهميش النساء القياديات أو تجاهلهن، حيث يتم التقليل من قيمة مساهماتهنّ. وينعكس هذا التهميش في القرارات السياسية التي نادراً ما تراعي وجهات نظر المرأة أو تعالج القضايا التي تؤثر عليهن بشكل غير متناسب.
"كان علينا اتخاذ إجراء"
غير راغبة في أن يتم إسكاتها، أسست خديجة ومجموعة من النساء اللواتي تم عزلهن أيضًا من مناصبهن مؤسسة التضامن في عام 2000. "كنا جميعًا نساء كنّ يشغلن أدوارًا مهمة من قبل. بدأنا بجهود إغاثية صغيرة لتحسين حياة الناس وسط الصعوبات المتزايدة".
بدأت مهمتهم بتوفير مأوى في المدارس ودعم المستشفيات بمستلزمات التنظيف. بمرور الوقت، وسّعنَ تركيزهنّ ليشمل القروض والتضامن الاجتماعي من خلال الأعمال الجماعية لمساعدة الأفراد والأسر على التغلب على الصعوبات من خلال تجميع الموارد وتقديم المساعدة وخلق فرص للتمكين الاجتماعي والاقتصادي، والمشاريع الصغيرة. "أردنا مساعدة الناس
على البدء من جديد وتحسين حياتهم"
حنان، صاحبة روضة أطفال، تحت تمويل تحالف الإغاثة الهولندي (DRA)/نشاط المشاريع الصغيرة تحت مظلة التضامن بالشراكة مع أوكسفام/ 2023 حقوق الصورة: أيمن فؤاد
"علّمنا النساء في السجن بدء الأعمال التجارية"
امتدت مساهمات خديجة إلى ما بعد التضامن. فقد كانت نشطة في اتحاد نساء اليمن والعديد من النقابات العمالية. بدعم من منظمات مثل "فرصة متساوية وتنمية المرأة"، تلقت التضامن دعما لتدريب النساء في السجن. "جهّزناهنّ بالمهارات اللازمة لإعادة الاندماج في المجتمع من خلال المشروعات التجارية".
إن عمق التزامها بتحويل حياة النساء مذهل حقًا. الأمر لا يتعلق فقط بتقديم الإغاثة الفورية؛ بل يتعلق بتزويد هذه النساء بالأدوات والفرص لاستعادة كرامتهنّ وخلق مستقبل أفضل لأنفسهنّ وأسرهنّ.
"لم نستسلم أبدًا"
على الرغم من الصعوبات في التمويل، تواصل التضامن عملها من خلال المشاريع الصغيرة ومشاركة الأرباح والتمويل الأصغر، بدعم من فريق متطوعين متخصصين. "كانت مرونتنا واضحة في عام 2019 عندما بدأنا مشاريع المساعدة على الصمود من خلال النقد مقابل العمل، موسّعين نطاقنا إلى ردفان / لحج . بدعم من أوكسفام".
سد بجير/ تحت تمويل تحالف الإغاثة الهولندي (DRA)، نشاط النقد مقابل العمل/ أوكسفام بالشراكة مع مؤسسة التضامن للتنمية/ 2023
حقوق الصورة: أيمن فؤاد
"شراكة أوكسفام طورتنا"
كانت الشراكة مع أوكسفام منذ عام 2020 تحويلية. "قوّى نهج أوكسفام العملي والتعاون الحقيقي سياسات التضامن ووسّعها من 12 إلى 26 سياسة. الدعم الذي تلقيناه مكننا من الوصول إلى المزيد من المجتمعات في ردفان / لحج ".
ومن المشاريع البارزة حاجز المياه في بجير، الذي أعاد الحياة إلى العديد من المناطق الجافة واستعاد الزراعة. "إنه يعكس قوة التضامن وشراكتها مع أوكسفام"، كما تقول بفخر.
"مساعدة الأطفال على التعلم والتفوق يمنحني السعادة"
تجد خديجة رضا كبيرًا في رؤية الأطفال الذين كانوا محرومين من التعليم بسبب الفقر الآن يتفوقون في دراستهم بدعم من التضامن. "مساعدة المتسولين على الانتقال إلى الاكتفاء الذاتي من خلال التدريب والتمويل الصغير يمنحني فرحًا كبيرًا"، كما تضيف.
في أحد مشاريعها الرائعة، أخذت التضامن المتسولات من الشوارع، مزوّدة إياهنّ بالتدريب والمنح الصغيرة. لم تساعد هذه المبادرة النساء فقط على إعادة بناء حياتهن، بل مكنت أطفالهنّ من الذهاب إلى المدرسة والتفوق في دراستهم.
"يجب أن نقود الجهود الإنسانية"
تحلم خديجة بأن تقود المنظمات المحلية الجهود الإنسانية كمنفذين، وليس مجرد شركاء أو مستلمين للمنح المالية. "يلعب الصندوق المرن دورًا حاسمًا في هذه الرؤية، حيث يوفر آفاقًا جديدة لاستقلال المؤسسات المحلية".
تتحدث رؤية خديجة عن القوة التحويلية للقيادة المحلية في الجهود الإنسانية. إن تركيزها على الصندوق المرن يسلط الضوء على أهمية منح المؤسسات المحلية الاستقلالية للتعامل مع التحديات الفريدة التي تواجهها مجتمعاتها. عندما تقود منظمات محلية مثل التضامن هذه المبادرات، فإنها تجلب فهمًا عميقًا للواقع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للشعب الذي تخدمه. لا يجعل هذا النهج عملها أكثر فعالية واستدامة فحسب، بل يحول التركيز من الاعتماد إلى التمكين. يؤكد إيمان خديجة بقوة تشكيل مستقبلهم على الدور الحاسم للقيادة المحلية في خلق تغيير دائم - حيث لا يتم استقبال المساعدات فحسب، بل يتم استخدامها استراتيجيًا لبناء المرونة والاستقلال.
إعادة تأهيل سوق السيلة تحت رعاية الوزارة الألمانية الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية/ كريتر عدن/ أوكسفام بالشراكة مع التضامن للتنمية/ حقوق الصورة: أيمن فؤاد
تعكس رحلة خديجة مع التضامن وأوكسفام المرونة، والتأثير، والشراكة الحقيقية. على الرغم من التحديات السياسية والمالية، يظهر جليا التزامها الراسخ بتحسين الحياة وتعزيز الاستقلالية في المنظمات المحلية
"أكثر من أي شيء آخر، فإن شعور رؤية الناس يبدأون بخطوات صغيرة وينمون، ويصبحون مكتفين ماليًا، هو مكافأة لا تقدر بثمن"، تعكس خديجة.
بينما نحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني، تذكرنا قصة خديجة بقوة المثابرة والتعاون وتجسيد معنى " مهما كانت الصعوبات""